= هبة عزمي: إبنتي هي عيناي التي أري بها الأشياء
* كيف ستخدمك؟ سؤال مؤلم تسمعه كل فتاة كفيفة مقبلة علي الزواج.. ولكن صاحبة قصة اليوم في صفحة صناع التحدي أجابت إجابة مفحمه علي كل معترض علي زواج الكفيفات.
لأنها فقدت بصرها، ولكن لم تفقد إرادتها وقدرتها علي الحياة بصورة طبيعية، درست وإجتهدت حتي حصلت علي أعلي الدرجات العلمية، تزوجت وإنجبت وربت بنتها بمفردها في الغربية بعيدا عن الأهل، أنها هبة عزمي خليف التي أقنعت أبنتها بأنها تري بيدها وليس بعينها.
بدأت هبة حديثها مع صفحة صناع التحدي قائلة: حكت لي والدتي بأني ولدت مبكرا قبل الموعد المحدد، وكان الأكسجين عاليا في الحضانة التي دخلت إليها، فحدث لي إنفصال شبكي نتيجة الولادة المبكرة، وفقدت بصري نهائيا منذ وصولي إلي الدنيا، وبعدها تعاملت مع والدتي بشكل طبيعي جدا مثل أخوتي المبصرين تماما، فلدي أخ وأخت، وكنت التزم مثلهم بمسئولية ترتيب غرفتي، وكانت العائلة بشكل عام تتعامل معي بفخر، ودمجتني أختي مع أصدقائها، وحتي اليوم هي التي تأتي معي للتسوق، ودرست في مدرسة حكومية خاصة بالمكفوفين رغم محاولات والدتي لدخولي مدرسة عادية، لكن لم تستطع قبل تطبيق الدمج، وعلي الرغم من ذلك أصرت علي شراء مكتب صغير ووضعه في الفصل لأدخل المدرسة سنة مبكرة كمستمعة، وتعلمت طريقة برايل لتساعدني في المذاكرة، وفي أثناء دراستي لم أدرس الكيمياء أو الرسم، فأجبرت علي القسم الأدبي وأحببت اللغة الإنجليزية وقررت أن أدرس في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في وقت لم يكن متاح فيه إنضمام المكفوفين له، وإعتمدت علي شراء كتبي من الخارج لأنها لم تكن متاحة في مصر وتسجيل المحاضرات بمساعدة زملائي.
[] السفر للخارج:
وتضيف هبة: تعرفت علي البرنامج الناطق علي الكمبيوتر من خلال أحد زملائي المكفوفين كان يكبرني بخمس سنوات، وتعلمت علي كافة البرامج التي ساعدتني كثيرا، فمن خلالها تقدمت للحصول علي منحة للولايات المتحدة الأمريكية لتأهيل المكفوفين وبالفعل سافرت لمدة شهرين وفي منحة أخري أيضا سافرت للعمل بإحدي المكتبات الخاصة بالمكفوفين، ففي الصباح أعمل وفي المساء أتعلم كيفية تربية أطفالي نظرا لأنني كنت علي وشك وضع طفلتي. ورغم أن هذه الفترة كانت صعبة لأنني وضعت طفلتي في الولايات المتحدة الأمريكية في أثناء المنحة مع عدم وجود أي من أفراد أسرتي لمساعدتي إلا أنها ساعدتني فيما بعد لأثق في قدرتي في الإعتماد علي نفسي، فكان ضغط شديد للعناية برضيعتي لمدة شهر بمفردي مع المراقبة من أحد الممرضات التي كانت تزورني ثلاث مرات أسبوعيا لتتأكد أن الطفلة بحالة جيدة حتي لا تأخذها لدار رعاية.
وأكملت حديثها بخصوص رسالة الماجستير وعملها قائلة: سافرت في منحة لإنجلترا وتركت إبنتي مع والدتي، لكنني إضطريت للعودة قبل الانتهاء من رسالة الماجستير نظرا لظروف مرض والدتي، فأجلت الرسالة فترة وعدت لأنهيها في جامعة برمنجهام بانجلترا. وكانت رسالتي في الدمج التعليمي وعملت علي مقارنة بين قصص لخمسة أولاد وبنات مكفوفين والدمج في التعليم، وتخرجت بإمتياز.
ثم بدأت عملي بمكتبة الإسكندرية منذ عشر سنوات، ثم أقبلت علي العمل في قسم طه حسين بالمكتبة مع بداية إفتتاحه، وكان عملي في هذا القسم يرتكز علي تعليم الطلبة علي البرامج الناطقة وتحديثاتها إلي أن ادخلوا نظام تصفح الكتاب علي الكمبيوتر.
وعن حياتها الآن وخططها المستقبلية قالت: علي المستوي العملي، بدأت بصفة تجريبية مع طفلين مكفوفين ويعانين من التوحد لتنمية مهاراتهما، كما بدأت مشروع مع أحد الجمعيات للتدخل المبكر للأطفال من سن ستة أشهر وتنمية مهاراتهم وتدريب أولياء الأمور.
أما علي المستوي العام، فأعيش مع إبنتي التي وصلت لسن ست سنوات وأهتم بشئون منزلي بصورة طبيعية كأي أم، فقد ساعدتني والدتي كثيرا قبل رحيلها ودائما ما كانت توضح لابنتي أنني أري بأيدي وليس بعيني، والآن أصبحت إبنتي هي عيني التي أري بها الأشياء.
[] نظرة المجتمع:
وفي نهاية حديثها أكدت علي أن المجتمع يجب أن ينظر لهم بصورة طبيعية وأوضحت: مشكلتي مع المجتمع تكمن في أنهم ينظرون إلينا علي أننا خارقين أو لسنا طبيعيين، وهذه نظرة مزعجة، كما أن المشكلة الأكبر هي التي تواجهها البنت الكفيفة في صعوبة زواجها، فدائما ما يسأل أهل الرجل كيف ستخدمك؟، فأري أن المجتمع يحتاج إلي توعية، ونواجه مشكلة أخري في التأهيل والتعليم، فأرفض العزل بشكل كامل، يجب أن تدمج الأطفال وإذا وضعنا إستثناءات تكون المعاملة الخاصة فقط للإعاقات المركبة، وعلي الدولة أن تنشأ مراكز تأهيل وتسمح للمكفوفين إقتحام المجالات التي حرموا منها للأسباب غير منطقية، كمجال الطب النفسي والكمبيوتر.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.